أجراها باحثون في كلية التمريض
كشفت دراسة حديثة كلية التمريض بالقطاع الصحي في جامعة قطر عن العلاقة المعقدة بين السمنة الصحية الأيضية والورم الخبيث لدى مرضى سرطان الرئة. وتعالج الدراسة الفجوة الملحوظة في الدراسات الموجودة، وتحلل التعقيدات المرتبطة بتأثير السمنة على مخرجات سرطان الرئة. وتؤكد الدراسة على أهمية دمج الاستراتيجيات الشاملة التي تميز السمنة الصحية الأيضية كعامل حاسم في التعامل مع المرضى واتخاذ القرارات المتعلقة بالرعاية الصحية للأفراد المصابين بسرطان الرئة.
سرطان الرئة، كونه أحد الأمراض السرطانية الأكثر تحديًا وتأثيرًا على الصحة العالمية، لا يزال يمثل واحداً من الأسباب الرئيسية لوفيات السرطان عالمياً. الدراسة الأخيرة التي أجرتها جامعة قطر تسلط الضوء على إحصائيات مقلقة بشأن انتشار الورم الخبيث في مرضى سرطان الرئة، وتحديداً على كيفية انتشار الخلايا السرطانية وتهديدها لأعضاء متعددة في الجسم، مما يدل على الحاجة الماسة لمزيد من البحوث الشاملة لمجابهة تحديات هذا المرض المدمر. وفقًا لأحدث البيانات من منظمة الصحة العالمية لعام 2020، فقد بلغت الوفيات المرتبطة بسرطان الرئة في قطر 73 حالة، لتشكل نسبة 1.79% من إجمالي الوفيات. بمعدل وفيات يصل إلى 10.46 لكل 100 ألف من السكان، مما يضع قطر في المرتبة رقم 101 على الصعيد العالمي.
تُعرف السمنة تقليديًا بأنها تراكم زائد للدهون في الجسم، وغالبًا ما تُعتبر مؤشرًا سلبيًا للعديد من الأمراض. ومع ذلك، تُظهر دراسة أجرتها جامعة قطر علاقة معقدة ومتناقضة بين السمنة ومرض سرطان الرئة. وأشارت العديد من الدراسات إلى وجود ارتباط عكسي بين السمنة وسرطان الرئة، وهو ما لوحظ بشكل خاص بين المدخنين، مما يدل على أن التدخين قد يؤثر على هذه العلاقة. بينما أشارت بعض الدراسات إلى أن فقدان الوزن الناتج عن تلف أنسجة الرئة وتدهور وظائفها قد يسبق التشخيص بمرض سرطان الرئة، وفي بعض الحالات، يُمكن للسرطان نفسه أن يسبب فقدان الوزن، وهو ما يُعرف بالسببية العكسية.
من الآليات المحتملة التي تُفسر هذا التأثير تلف الحمض النووي التأكسدي، الذي يتميز بتراكم أنواع الأكسجين التفاعلية التي تؤدي إلى أضرار في الحمض النووي، والذي يُمكن أن ينخفض عند الأشخاص ذوي مؤشر كتلة الجسم المرتفع. كما تم افتراض أن تلف الكروموسومات، والذي يُعد سمة مميزة لعدم الاستقرار الجيني، يمكن أن يتأثر بمؤشر كتلة الجسم، مما يُؤثر على تطور سرطان الرئة.
لسد الفجوات في الأبحاث الحالية، استخدم الباحثون نهج المراجعة المنهجية والتحليل التلوي لتجميع وتحليل الأدلة المتاحة. بينما تُقدم التجارب السريرية الفردية نظرات ثاقبة قيمة، فإن الحاجة إلى التحليلات الوصفية الشاملة تبرز بوضوح لتوحيد هذه الأدلة وتقديم فهم أعمق للعلاقة بين السمنة وسرطان الرئة.
واختتم الباحثون دراستهم بتحليل شامل شمل إحدى عشر دراسة، بمتوسط حجم عينة يصل إلى 4,791 مشارك، مما يلبي معايير بحثية صارمة. وقد كشف التحليل أن السمنة، على الرغم من أنها تزيد بشكل كبير من حالات إعادة دخول مرضى سرطان الرئة إلى المستشفى لتلقي العلاج، إلا أنها تقلل بشكل متناقض من خطر حدوث المضاعفات الجراحية بنسبة 13%. بشكل أكثر تحديدًا، أظهرت النتائج أن الأفراد الذين يعانون من السمنة المفرطة يواجهون خطرًا أقل للإصابة بسرطان الرئة مقارنةً بأولئك ذوي الوزن الطبيعي.
بالإضافة إلى ذلك، تبرز الدراسة أهمية السمنة كعامل رئيسي في التعامل مع المرضى واتخاذ قرارات الرعاية الصحية، مما يشير إلى ضرورة إعادة تقييم البروتوكولات العلاجية الحالية. علاوة على ذلك، فإن النتائج تدعم فكرة أن السمنة الأيضية الصحية، على الرغم من أنها تسبب زيادة في حالات إعادة الإدخال إلى المستشفى، إلا أنها توفر أيضًا تأثيرًا وقائيًا ضد المضاعفات الجراحية. هذه النتائج تؤكد على الحاجة إلى نهج شامل في رعاية المرضى، مما يسلط الضوء على أهمية تكييف وتعديل الاستراتيجيات الطبية بناءً على التحديات والفرص الفريدة التي تقدمها السمنة.
تواجه الدراسة التي أجريت حديثًا تحديات تتعلق بمدى تنوع تمثيل المجموعات السكانية، إذ ركزت بشكل رئيسي على مجموعة سكانية محددة. هذا التركيز المحدود قد يحد من قابلية تطبيق النتائج على مجموعات أوسع، مما يستدعي ضرورة التوسع في نطاق الدراسة. الدكتور وقاص سامي، أستاذ مساعد للشؤون ما قبل الإكلينيكية، كلية التمريض، جامعة قطر وأحد الباحثين الرئيسيين في الدراسة، أشار إلى "إن تعزيز الصلاحية الخارجية للأبحاث القادمة يتطلب إدراج مجموعات أكثر تنوعا، وتعزيز التفكير الشامل للسكان بشكل عام. وللحصول على فهم أكثر تفصيلاً للصلة بين السمنة الصحية الأيضية والورم الخبيث في سرطان الرئة، يجب التركيز بشكل متزايد على المتابعة أو التجارب العشوائية الخاضعة للسيطرة، إلى جانب تطبيق تقنيات التحليل التلوي المتقدمة الموصى بها." علاوة على ذلك، فإنه بينما تنشئ الدراسة ارتباطًاً، فإنها تحفز على مزيد من الاستكشاف في الآليات الجزيئية والفسيولوجية الأساسية. إن تحليل هذه الآليات من خلال البحوث المستقبلية يمكن أن يوصل إلى أفكار مهمة، وتوفير أساس للتدخلات المستهدفة وفهم أفضل للحالات المعقدة.
لمزيد من المعلومات حول الدراسة، يرجى التواصل مع: د. وقاص سامي، أستاذ مساعد للشؤون ما قبل الإكلينيكية، كلية التمريض، جامعة قطر عبر البريد الإلكتروني: waqas@qu.edu.qa
عن قطاع العلوم الصحية والطبية في جامعة قطر:
كجزء من جامعة قطر، نسعى جاهدين لنكون قادة في تعليم المهن الصحية، والبحوث، والرعاية السريرية، والمشاركة المجتمعية من خلال التعليم الصحي المتداخل والشراكة. هدفنا هو إلهام الأفراد وتمكينهم، مما يؤدي في النهاية إلى التميز والابتكار لمجتمعات صحتها أفضل.
تم إطلاق قطاع العلوم الصحية والطبية عام 2017، تماشيا مع رؤية قطر الوطنية 2030 للتعليم والصحة ولمواكبة احتياجات الدولة المتقدمة وتلبية احتياجات نظام الرعاية الصحية. رؤيتنا تتمثل برغبتنا في أن نكون رائدين في مجال التعليم الصحي المتداخل والأبحاث الصحية متعددة المجالات. وأن نصبح الخيار الأول للطلاب والباحثين والدافع الوطني للابتكار في هذا المجال. يضم القطاع خمس كليات (الطب، والأسنان، والصيدلة، والعلوم الصحية، والتمريض)