في ظل التغيرات المتسارعة التي يشهدها العالم في مختلف المجالات، أصبحت الجامعات ومؤسسات التعليم العالي في حاجة ماسة إلى دور محوري ليس فقط في تقديم التعليم الأكاديمي التقليدي، ولكن أيضاً في تعزيز مفهوم التعليم المستمر وخدمة المجتمع. يعتبر هذان الجانبان من أبرز العوامل التي تسهم في تطوير الأفراد والمجتمعات على حد سواء وفي بناء مجتمعات قائمة على التعليم المستمر والابتكار وتحسين جودة الحياة وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. التعليم المستمر هو عملية تعلم دائمة تهدف إلى تحسين وتطوير المهارات والمعرفة للأفراد على مدار حياتهم المهنية والشخصية وهذا النوع من التعليم لا يقتصر على فترة الدراسة الأكاديمية في المراحل الجامعية بل يمتد إلى ما بعد التخرج، ليشمل برامج تدريبية، ورش عمل، ودورات تخصصية في مختلف المجالات.
عالمنا المعاصر يتسم بسرعة التطور في مختلف المجالات، وخصوصاً في التقدم التكنولوجي والابتكار. ولذلك، فإن التعليم المستمر يعد أداة أساسية للتكيف مع هذه التغيرات. من خلال التحاق الأفراد بدورات تدريبية مستمرة، يمكنهم اكتساب مهارات جديدة تواكب أحدث التطورات في السوق، مما يعزز قدرتهم على التنافس في سوق العمل المتغير كما يساعد الأفراد على تحسين مهاراتهم الشخصية والمهنية، بما في ذلك مهارات القيادة، والتواصل، وحل المشكلات، والتفكير النقدي. هذه المهارات تساهم في تعزيز كفاءة الأفراد في بيئة العمل وتمكنهم من تطوير مسارهم المهني وتحقيق النجاح على الصعيدين الشخصي والمهني.
وتمثل خدمة المجتمع في التعليم العالي تأثير ملموس على المجتمع المحلي والعالمي من خلال تنفيذ برامج ومبادرات تسهم في حل قضايا مجتمعية ففي العديد من البلدان، مثل دولة قطر، تعد رؤية 2030 إطارًا استراتيجياً يهدف إلى تحقيق التنمية المستدامة. يعد التعليم المستمر وخدمة المجتمع جزءًا أساسيًا من هذه الرؤية، حيث يسهم في تطوير رأس المال البشري وزيادة التفاعل المجتمعي بما يتماشى مع الاحتياجات المستقبلية. من خلال توفير بيئة تعليمية مستمرة، تساهم الجامعات في تحفيز الأفراد على التعلم المستمر وتطوير مهاراتهم بما يتوافق مع متطلبات سوق العمل المتغير.
من هذا المنطلق يقوم مركز خدمة المجتمع والتعليم المستمر بتحديد وتلبية احتياجات أفراد المجتمع للتدريب، وذلك من خلال برامج تدريبية متخصصة بالإضافة إلى البرامج التحضيرية لامتحانات الشهادات المهنية والدولية وامتحانات القبول للجامعات على اختلاف أنواعها. وذلك بهدف إتاحة الفرصة لأكبر عدد من أفراد المجتمع للاستفادة من الخبرات والتجارب والموارد المتاحة في الجامعة. ويتم تقديم هذه البرامج باللغتين العربية والانجليزية وبما يتناسب مع طبيعة ومحتوى البرنامج المعني. ذلك إلى جانب برامج تعلم اللغات المختلفة مثل اللغة الانجليزية العامة واللغة العربية والفرنسية والتركية والألمانية والكورية والاسبانية واليابانية والروسية والصينية والفارسية.
ويمثل مركز خدمة المجتمع والتعليم المستمر جهة رائدة في تقديم البرامج ذات الصفة غير الأكاديمية في قطر، وتعاون في ذلك مع أكثر من 244 من الهيئات والمؤسسات ليقدم أكثر 52000 ساعة تدريبية لــ 26000 مشارك من خلال أكثر من 1700 من الدورات والورش التدريبية التي تضمنت 56 برنامجا لشهادات مهنية عالمية خلال الأعوام الأكاديمية ما بين 2013 – 2023.
وقد عمل مركز خدمة المجتمع والتعليم المستمر منذ انشائه على تنفيذ البرامج والدورات وورش العمل التدريبية الخاصة ذات الجودة العالية وذلك بالتعاون مع مختلف الأقسام الأكاديمية بالجامعة وفقا للاحتياجات الفعلية للمجتمع. وقد تجلى قبول وتقدير أفراد المجتمع لهذه البرامج في زيادة الطلب عليها. ويستمر المركز في إضافة المزيد من الخدمات والبرامج الجديدة لأنشطته، وعقد الاتفاقيات ومذكرات التفاهم من وقت لآخر وذلك بهدف مواكبة الحاجات والأولويات المستجدة.
وسيواصل مركز خدمة المجتمع والتعليم المستمر خلال العام الأكاديمي 2024-2025 في تقديم البرامج والدورات والورش التدريبية الوجاهية وعن بعد.
د/ رجب عبد الله الإسماعيل
مدير مركز خدمة المجتمع والتعليم المستمر