تلتها ندوة ثقافية سلطت الضوء على أعمال الفنان القطري عبد العزيز صادق
نظم فرع الثقافة والفنون في رابطة خريجي جامعة قطر بالتعاون مع مكتبة الجامعة معرضًا فنيًا كاريكاتيريًا للفنان القطري عبد العزيز صادق يعرض فيه عددًا من أعماله الكاريكاتيرية التي تتناول القضايا المجتمعية حيث بلغ عدد اللوحات المعروضة 55 لوحة. وقد افتتح المعرض الفني الدكتور أحمد العمادي عميد كلية التربية في جامعة قطر بحضور عدد غفير من منتسبي جامعة قطر من أعضاء هيئة التدريس والإداريين وطلبة الجامعة إضافة إلى زوار من طلبة المدارس الثانوية في قطر. كما تم عقد ندوة ثقافية مُلحقة بالمعرض الفني بعنوان: "الكاريكاتير وإعادة بناء الواقع: قراءة في أعمال الفنان عبد العزيز صادق"، حيث أدارت الندوة الكاتبة خولة مرتضوي رئيس فرع الثقافة ولالفنون برابطة خريجي جامعة قطر وقدمها عدد من أعضاء هيئة تدريس من قسم اللغة العربية وآدابها في جامعة قطر، وهم: د. أحمد حاجي صفر، د. امتنان الصمادي ود. محمد مصطفى سليم.
وعن تنظيم الفعاليتين، قالت أ. آمنة عبد الكريم، فنانة تشكيلية ونائب رئيس فرع الثقافة والفنون في رابطة خريجي جامعة قطر: "إنَّ فن الكاريكاتير ليس رسمًا لإكمال ديكور المطبوعات أو تسويدًا لبياض الورق الإعلامي، بل هو فنٌّ صحافي بامتياز، ويستحق بجدارة أن يدخل مختبر التحليل النظري والعملي، خاصة وأنَّهُ فن نستعرضه يوميًا في صحافتنا، وله بالغ القدرة على اجتذاب الجمهور بكل سهولة أولا، بالإضافة إلى قدرته البالغة على النقد ثانيًا (وإن كان مبالغةً) وإرسال الملاحظات والشكاوى للجهات المعنية وللجمهور المهتم ثالثًا، وذلك بشكلٍ أكثر وأبلغ وأسدد أحيانًا من المقالات والبيانات الصحافية وغيرها من فنون الصحافة المكتوبة والمقروءة والمسموعة. في هذا المعرض الذي نظمناه في الفرع بالتعاون مع مكتبة الجامعة، نحتفي بالفنان عبد العزيز صادق، ففضلًا عن كونِهِ جُزءا جميلا من ذاكرة الطفولة الأولى ببرامجهِ الفنيّة التلفزيونية التي قدمها لنا، مثل: المرسم الصغير وغيره، فهو فنانٌ يحمِلُ في يدِهِ قلمين، ويُحارب جبهتين، حيثُ يتّجه في سبر أغوار الدواخل من خلال منظارين: منظارٌ يمضي في نزع الأقنعة، ومنظار يهدفُ إلى سبر أغوار النفوس".
من جانبها، قالت أ. فاطمة آل ثاني، أخصائي شراكة واتصالات أول في مكتبة جامعة قطر: "إننا سعداء في مكتبة جامعة قطر بالتعاون مع فرع الثقافة والفنون بتنظيم معرض فني وندوة ثقافية يسلطان الضوء على أعمال الفنان عبد العزيز صادق لما له من بصمات في فن الكاريكاتير إذ أن عقد مثل هذه الأنشطة يُمكن الجميع من الاطلاع على أعماله الفنية وتجربته العريقة في هذا المجال وليتسنى لمحبي فن الكاريكاتير التواصل مع الفنان عبد العزيز صادق بشكل نباشر وتفاعلي. نتطلع في مكتبة جامعة قطر دائما إلى التعاون مع الجهات الخارجية في تكريم مبدعي وفناني دولة قطر".
وفي تعليق له على أعمال الفنان عبدالعزيز صادق، قال الدكتور محمد مصطفى سليم، المنسق الأكاديمي لقطاع اللغات والإعلام والترجمة بكلية الآداب والعلوم بجامعة قطر: "إن حضور عبد العزيز صادق في الثمانينات من القرن الماضي بعد سلمان المالكي وأحمد هلال لا يعني تمثيله لانتقالة فنية مختلفة، بقدر ما يعكس طبيعة فنية لها خصوصيتها، وتنبع تلك الخصوصية من رهافة الصورة ومضمونها المشاعري غير المعقد، فيبدو في تجربته كما لو أنه –حين ينقد ظاهرة اجتماعية- يرتدي قفازًا من حرير، لا ليوجع وإنما ليثير الانتباه نحو ظاهرة أو سلبية سيكون المجتمع القطري أكثر إشراقًا وجمالًا لو تخلى عنها. ولهذا فإن التهكم الهجائي عنده ليس صارخا، بقدر ما يكون حضور الريشة الساخرة في أعماله بارزًا في كونها سلاحًا صامتًا وصارخًا، يقلب به المعنى ليجعلنا نُبصر الشروخ في جدار الواقع القطري، والإنسان القطري، بل الإنسان على وجه العموم. وأستطيع القول بأن تجربته الكاريكاتيرية القطرية مهمة جدًا في سياق تمثيلها عقد تصالح حقيقي بين المجتمع و بين أي بوادر شقوق فيه؛ لأن الصورة عنده تتحول إلى عين فاحصة ترصد التغيرات التي تطرأ على المجتمع إذا ما قورن حاضره بماضيه، مشيرًا في ذلك إلى مظاهر متكررة عبرت عنها ممارسات الناس، مثل: التخييم وتداعياته، والمفارقة في الشكوى من ارتفاع الأسعار مع ارتفاع نسبة الاستهلاك في الوقت نفسه، وأيضًا التلوث في بعض الحدائق، وقيادة السيارات بسرعة جنونية، وكأن عبدالعزيز صادق مفوّض من الكاريكاتير والمجتمع القطري لكي يكون عينًا لهما على كل ما يكسر الطبيعة الجميلة للحياة في قطر. وهو قد أجاد استغلال التفويض، حيث عمل على تتبع أمور أخرى في المجتمع، أهمها: المرأة ومظاهر عملها، والطفولة على امتداد حضورها، ثم الشباب...إلخ. إنه صاحب تجربة أقل ما يقال عنها بأنها ذاكرة للمكان وذاكرة للوطن، بل ذاكرة للإنسان".
ومن جانبه، قال الدكتور أحمد حاجي صفر منسق برنامج البكالوريوس في قسم اللغة العربية وآدابها في جامعة قطر: "إعادة بناء الواقع عند عبد العزيز تمر عبر تحويل الفعل الاجتماعي من فعل فردي إلى فعل جماعي، ويبحث بعد ذلك عن نقل المسؤولية من تجريم الفرد إلى توعية المجتمع. وتُظهِر لوحات عبد العزيز في كثير من الأحيان الفرد على أنه مركز الفعل الاجتماعي ومصدره ومنطلقه، والحقيقة أنّ هذا الترميز الفردي للفعل الاجتماعي إنما هو طريقة لبناء منظومة نقدية تحوّل الفعل النقدي من فعل تجريم إلى فعل توعية، إذ يستهدف عبد العزيز عبر فردنة الفعل شكلًا الإيهام بالمسؤولية الفردية لكل فعل جماعي، وكأنّ نظريته تقول: كل خلل حاصل أو مشكلة تقع يتجزّأ حمل المسؤولية فيها على أفراد المجتمع وكلّ يحمل الجزء الأكبر. هذا النوع من التوعية المجتمعية هدفه نقل الفرد من حيّز الانفعال إلى حيّز الفعل المجتمعي؛ وذلك بُغية جعل تنمية المسؤولية مشروعًا وطنيًّا بدل أن يكون مهمّة تُلقى على عاتق إحدى الجهات فقط".
وقالت الدكتورة امتنان الصمادي، عضو هيئة تدريس في قسم اللغة العربية وآدابها في جامعة قطر: "يُعد الفنان عبد العزيز صادق فنان الريشة الساخرة قدم رؤيته للواقع والحياة عبر رسم الكاريكاتير الذي هو وسيلة مهمة من مهام التعبير عما يعتلج في النفس وكما هو معروف الكاريكاتير هو فن الرسم الساخر وهو لغة عالميه يمكن فهمه والاستمتاع به على المستوى الإنساني يوجه نقدا لاذعا معتمدا الصورة في التعبير والتضخيم والمبالغة وهدفه التعبير عن هموم الواقع الاجتماعي والسياسي. وظف عبد العزيز نظام الرسم الكاريكاتيري بالحاسوب وهي وسيلة عصرية استفادت من التقنيات الحديثة في إنتاج هذا الفن، وأيا كانت الوسيلة فإن الفنان صادق يسعى إلى إيصال رسائله إلى المتلقي من خلال سياق مشترك قائم على بنية الواقع الذي يعيشانه معًا، وقد بنى الفكرة الكاريكاتيرية في نمطين الكاريكاتير الاجتماعي، والكاريكاتير السياسي، ليظهر عيوب المجتمع في صورة ساخرة ممتعة تدعونا إلى التغيير في الواقع الذي يحتاج إلى التجديد. وامتازت لغة الصورة توجيه مباشر كما اتسمت صورة المرأة لديه بالمحافظة على منطلقها المحافظ ضمن ثوابت مجتمعية، كما اتسم بتوجيه نقد مضحك يظهر سذاجة الأفراد وعدم الإحساس بالمسؤولية، وامتلك القدرة على تحويل الفكرة العادية المألوفة إلى صورة ساخرة تعيد إنتاج الفكرة بشكل لاذع مؤلم أو بشكل عادي لأغراض التنبيه".