نظم مركز ابن خلدون للعلوم الإنسانية والاجتماعية في جامعة قطر مؤتمر تجسير السنوي في دورته الثانية تحت شعار "انعكاسات الأحداث الكبرى على عالم الأفكار: مقاربات بينية في قياس الوعي العربي". وقد جمع المؤتمر نخبة من الأكاديميين والباحثين وصناع القرار لاستكشاف تأثير الأحداث العالمية والإقليمية الرئيسية على المشهد الفكري والاجتماعي في العالم العربي.
وركز المؤتمر هذا العام على المقاربة البينية، ويهدف إلى رصد واستكشاف طبيعة تفاعل الوعي العربي مع الأحداث الهامة التي مر بها الشباب العربي. كما يهدف المؤتمر إلى كشف تأثير واقع الأحداث على تطور الأفكار في الدراسات العربية، وتعزيز قدرة الباحث على الربط بين العالم الواقعي والأفكار. كما يهدف أيضًا إلى تنمية الأبحاث العلمية في مسار الدراسات البينية في العلوم الاجتماعية والإنسانية، وإتاحة منصة علمية يلتقي فيها الباحثون من مختلف التخصصات في إطار علمي، وتعزيز فكرة التكامل المعرفي لديهم.
وفي كلمته الافتتاحية، أكد الأستاذ الدكتور أيمن إربد، نائب رئيس الجامعة لشؤون البحث والدراسات العليا، على أهمية المؤتمر مصرحاً، "يُسهم المؤتمر في التوعية وقوة الفكر والتصوُّر والابتكار، ويساعد على التعامل الناجح وإدراك المفاعيل الراهنة والمستقبلية للتحديات التي تواجه العالم العربي اليوم، خاصة وقد شهدت البشرية أحداثًا مفصليَّةً تركت آثارها العميقة على البناء المعرفي والفكري."
من ناحيته أشار الدكتور نايف بن نهار، مدير مركز ابن خلدون، أن موضوع هذا المؤتمر يهدف إلى رصد ما يتغير في عالم الأفكار نتيجة تغير عالم الأحداث المتسارعة الذي نعيشه، وهذا الرصد يسمح لنا باستشراف المستقبل، والعمل على التهيئ له.
وتضمن المؤتمر بحوثًّا ونقاشات تناولت عدة مواضيع منها تأثير أحداث هامة مثل جائحة كوفيد-19 والصراعات في أوكرانيا وقطاع غزة على مختلف جوانب الحياة في العالم العربي. حيث قدم كل من الأستاذ أحمد أبو العلا، الأستاذ منصور بن زاهي، والأستاذ عبد الخالق سداتي دراسات بحثية حول آثار الجائحة على الشباب العربي في شمال إفريقيا، وخاصة في مصر والجزائر والمغرب. وركز الباحثون على كيفية إعادة تشكيل الأطر الاجتماعية والفكرية وأشكال الممارسات اليومية لدى فئة الشباب بفعل جائحة كوفيد-19.
كما تم تقديم أبحاث حول تأثير الصراعات المستمرة على إدراك الشباب العربي لمفهوم العدالة والقانون الدولي، قدمها كل من الأستاذ علي محمد سالم، الأستاذ وليد العويمر، الأستاذ مصطفى بخوش، والأستاذ الطيب الطويلي. حيث ناقشت الأبحاث التغيرات على نظرة الشباب العربي لمفهوم العدالة في ظل المشهد السياسي العالمي، وكيف تشكلت عقول الشباب بسبب الصراعات الأخيرة، سواء في أوكرانيا أو قطاع غزة.
وكانت هناك جلسة أخرى قدمتها الدكتورة كلثوم أقيس، تناولت فيها توشيح السردية الفلسطينية واستجابات الحركات النسوية للهجمات الإسرائيلية على غزة. حيث قامت بتحليل كيف طورت الحركات النسوية في العالم العربي وجهات نظرها ونشاطها، خاصة فيما يتعلق بالإيديولوجيات النسوية العالمية وسرديات المقاومة.
ويهدف المؤتمر إلى تعزيز التعاون بين التخصصات المختلفة، مستفيدًا من منهجيات متنوعة من مجالات مثل علم الاجتماع والعلوم السياسية وتحليل البيانات، لتقديم رؤى جديدة حول ديناميكيات الفكر العربي المتغيرة.
ويواصل مؤتمر تجسير السنوي دوره كمنصة للحوار المفتوح والتبادل الفكري، داعياً الباحثين إلى التعاون واستكشاف التحديات الرئيسية التي تواجه المجتمعات العربية المعاصرة. كما تطرق الحدث إلى دور التكنولوجيا في تشكيل الوعي الحديث، مع التركيز بشكل خاص على تأثير المنصات الرقمية على الخطاب السياسي والحركات الاجتماعية في المنطقة.