تخطي أوامر الشريط
التخطي إلى المحتوى الأساسي
تسجيل الدخول

    قراءة في مقاطعة المنتجات الفرنسية

    الندوة العلمية:

    الاقتصاد السياسي الدولي للمقاطعات الشعبية

    قراءة في مقاطعة المنتجات الفرنسية


    نظَّم مركز ابن خلدون للعلوم الإنسانيَّة والاجتماعيَّة بجامعة قطر ندوة علمية يوم السبت الموافق 27 ربيع الثاني 1442هـ/ 12 ديسمبر 2020م بعنوان: "الاقتصاد السياسي الدولي للمقاطعات الشعبية: قراءة في مقاطعة المنتجات الفرنسية وذلك عبر منصة ويبكس (Webex) الإلكترونية، وقد جاءت هذه الندوة ضمن إطار المواكبة وهو أحد الأطُر الخمسة التي يعمل في ضوئها مركز ابن خلدون بجامعة قطر، و شارك فيها كلٌ من: د. عثمان الذوادي، د. مشاري حمد الرويّح و د. محمد بن نصر، بهدف التعريف بالمقاطعة الشعبية للمنتجات الفرنسية وتقديم قراءاتهم الاجتماعية والسياسية والثقافية والاقتصادية لها.

    افتُتحت الندوة التي أدارها الباحث عبد الرحمن المري بكلمة من د. مشاري الرويّح -الأستاذ المساعد بقسم الشؤون الدولية بجامعة قطر- الذي أكد أن مسألة المقاطعات الشعبية لم تلق الاهتمام المطلوب من الدوائر الأكاديمية سواء الغربية أو العربية. وأكد أيضا على وجوب وجود تراكم معرفي حول القضية ومساهمات نظرية وإمبريقية تدرس العوامل المؤثرة على المقاطعة الشعبية كممارسة اجتماعية في البيئة الدولية.

    وأشار د. الرويّح إلى أن المستهلك في ظل ما يسمى بالسوق العالمي، لديه قوة الخروج Exit Power تتيح له فرصة التهديد بالخروج والمساومة مع الشركات الفرنسية. وعرّج على خمس مراحل للمقاطعة بدءا من الدعوة للمقاطعة إلى المقاطعة، مرورا بردة فعل الطرف الآخر (من قوة الخروج إلى قوة التحكم والإكراه)، ووصولا إلى مرحلة الإكراه. وأشار إلى مقومات الفاعلية للمقاطعات وهي العزم، النية أو المصلحة، والقدرات.

    كما أكد على ضرورة عدم المبالغة في نتائج المقاطعة فـ" عادة لا يكون التأثير الاقتصادي قصير المدى كبيرا جدا" بسبب التعقيد في السوق العالمي وتنوع قطاع الصادرات لدولة ما الأمر الذي قد يجعل التأثير عليها صعبا. على الصعيد الآخر، استمرارية والمقاطعة ( العزم) باعتبارها إشارة إلى الجدية والمصداقية تعد من النتائج طويلة المدى التي ترفع من قيمة وفاعلية المقاطعة الشعبية.

    ومن ناحية سلوك المستهلك، قال د. عثمان الذوادي - الأستاذ المساعد في قسم التسويق في كلية الاقتصاد بجامعة قطر- بأن المقاطعة الاقتصادية هي إحدى وسائل الضغط في حراك السوق، إضافة إلى أن وسيلة الضغط الاقتصادي تقف وراءها خلفيات معينة مؤثرة فيها وهي الخلفية التجارية، القطاع العام، الخلفية السياسية، والخلفية الاجتماعية. وبيّن حجم قوة المستهلك في كل خلفية من هذه الخلفيات، إذ إن المقاطعة ذات الخلفية الأولى لها قوة مؤثرة بسبب وجود بدائل لدى المستهلك، بينما في الثانية محدودة لعدم وجود البديل، ويعتمد نجاح الثالثة على أهمية القضية واقتناع المستهلكين بها، بينما في الرابعة تُوظّف قوة المستهلك نحو تغيير الشركة لطريقة عملها.

    وقد صرّح د. الذوادي بأن أثر المقاطعة يظهر ما إن تبدأ وهذا قد حدث بغض النظر عن استمراريتها التي تحكمها ظروف معينة. والتأثير مهم لأنه يمنع الآخر من اتخاذ نفس المسار في الإساءة. وقد نتج عنها ظهور حوار ليس كله إيجابي بل هناك جانب سيء أيضا لكن لا ينبغي تقليل أثرها -بحسب الذوادي- فمهما كان حجم مساهمة الفرد في المقاطعة صغيرا فإنه مهم.

    أما د. محمد بن نصر -الأستاذ بالمعهد الأوروبي للعلوم الإنسانية بباريس- ابتدأ حديثه في محور المصطلح/المفهوم، فبيّن أن هناك خلطا بين مفهوم المحاصرة والمقاطعة. "فالمقاطعة عندما يمارسها القوي ضد الضعيف تصبح محاصرة"، وهو موقف دول ضد دول، ومن مآلاتها: إما اعتماد الدولة على نفسها والانتقال من دائرة المستهلك إلى دائرة المنتِج. وإما أن تؤدي إلى الاعتماد على السوق السوداء.

    وقد اتفق د. بن نصر مع المتحدثَين الآخرَيْن بأن المقاطعة الشعبية ليس لها تأثير مباشر لكن الجيد فيها أنها "موجهة ضد القوي ولكن لإظهار ما للضعيف من قوة".

    وقد استدرك د. بن نصر على د. الذوادي حول تأثير المقاطعة قائلا بأن الأمر غير متعلق بالتأثير المباشر على المنتجات الفرنسية، بل أيضا هناك الانتقال من صورة فرنسا ذات الإرث الفكري والحضاري الكبير إلى صورة أخرى سلبية فهذا له تأثير أيضا غير مباشر كأن يمتنع أحدٌ عن قضاء إجازته الصيفية في باريس رغم أن هذا ليس له علاقة مباشرة بالمنتجات الفرنسية.

    وحول نظرة الفرنسي إلى المقاطعة صرح د. بن نصر بأن "الفرنسي يعيش في حالة من الرفاه والخوف من فقدان الرفاه هاجس مصاحب دائما للوعي العام الأوروبي". وهذا يعطي للمقاطعة تأثيرا نفسيا كبيرا، ويرى د. بن نصر أن تدخل الرئيس الفرنسي تجاه المقاطعة -على محدوديته- يعكس حالة من الخوف. وبالنسبة إلى نظرة المسلم في فرنسا فتثار فيها مسألة الولاء: هل هو للمواطنة (الدولة) أم للهوية. والمسلم في فرنسا لم يتمكن بعد من فهم أو التوفيق بين احترام مقتضيات المواطنة ومقتضيات الهوية. وهو تاليا يتساءل عن الموقف الأسلم، هل هو المقاطعة (مع ما ستزيده من الاغتراب والكره وتأكيد الصورة النمطية عن المسلم) أم عدم المقاطعة.

    ونبه د. بن نصر على أهمية تطوير المسلمين أساليب أخرى للمواجهة، مشيرا إلى أن "الوعي الإسلامي لا يُستفز إلا إذا كانت هناك قضية دينية" وأنه لا يلعب دورا في مشكلات المجتمع الحقيقية كالبطالة والتهميش، بينما لو اقترب من الآخرين لاستطاع تغيير الصورة التي يحاول الإعلام ترسيخها عنه. كما دعا إلى تنظيم عملية المقاطعة الشعبية بحيث تصبح أكثر فعالية، وتوجّه نحو منتجات معينة لكي تصبح "مقاطعة ذكية ومؤثرة".

    وقد استقبل المشاركون أسئلة الحضور، وتعليقا على سؤال مدى انعكاس المقاطعة الفرنسية على المسلمين داخل فرنسا، قال د. بن نصر إنهم ينظرون إليها بإيجابية باعتبارها عاملا مساعدا لهم، ويتطلعون إلى نجاحها لكنهم يتعاملون مع ذلك بحذر أكبر فهو موقف وجداني ولا يمكنهم التعبير عنه.

    أما د. مشاري الرويّح وحول تعبير قلة الدراسات النظرية عن المقاطعات الشعبية عن اهتمام بحثي أكبر بسلوك الدول دون سلوك الشعوب، فقد وافق على ذلك لأن أغلب نظريات العلاقات الدولية خاصة نظريات التيار السائد تتحدث عن أن الدولة هي الفاعل الأساسي في السياسة الدولية أو البيئة الدولية" وقد شدد من هذا الباب على ألا ينبغي المبالغة في النتائج الاقتصادية قصيرة المدى، وأن إحدى النتائج المنتظرة هي إحداث "التوزان بين الدولة والمجتمع في تمثيل العالم الإسلامي دوليا".

    بينما قال د. الذوادي ،وتعليقا على سؤال المقاطعة الاقتصادية هل هي استراتيجية ذات جدوى، بأن المقاطعة أحد الحلول التي تملكها المجتمعات، وهي من أدوات القوة المهمة وتحت يد المستهلك، والأمثلة على فعاليتها كثيرة. وقال بأن قوة المستهلك في زيادة مستمرة، ووسائل التواصل الحديثة ساهمت في هذه الزيادة بشكل ملحوظ​

    ​​​​