تخطي أوامر الشريط
التخطي إلى المحتوى الأساسي
تسجيل الدخول

    ندوة تجسير 2

    ندوة تجسير 2


    أقامت مجلة تجسير لدراسات العلوم الإنسانية والاجتماعية البينية ندوتها الثانية مساء الأحد 13 نوفمبر 2022، تحت عنوان "أطروحة التكامل المعرفي بين مخاطر التلفيق وآفاق التجسير"، قدمها الأستاذ الدكتور محمد هُمام أستاذ اللسانيات القانونية بجامعة ابن زهر المغربية، التي كانت عبر منصة ويبكس، ونُقلت بثا مباشرا على حساب مركز ابن خلدون في الفيسبوك.

    استهلّ الضيف الكريم حديثه بأهمية موضوع التكامل المعرفي الذي بات حديث الوسط الأكاديمي غربيًا وعربيًا على حد السواء، رغم ما يعترض الموضوع من ضباب كثيف وسيولة يصعب معها تحديد وضع معين لهذا التكامل وتلك الرؤية المتجاوزة للتخصص؛ نظرا لما امتاز به المجال المعرفي من هيمنة وسلطة للبراديغم والنموذج التجزيئي القائم على الفصل بين التخصصات، في حين أن الدعوة لتكامل العلوم هي دعوة لأنسنة المعرفة ودعوة لتحريرها بالتخلص من مركبات التحيّز التخصصي، مشيرًا إلى أهمية طرح الدكتور المسيري حول تحيّز المفاهيم والرؤى والنماذج المعرفية في هذا الشأن.

    عرّج د.هُمام على الدور العربي الحديث عند د. الجابري، ود. طه عبد الرحمن اللذين كانت لهما إسهامات في الوعي الفكري الأبستمولوجي حول المعرفة وتجديدها. وقد أوضح في سياق حديثه عن تلك المحاولات الكبيرة إلى أن الموضوع تعتريه مصطلحات عدة مثل: تكامل العلوم، والحوار بين العلوم، والتلاقح، والتعاون والتجسير، والتقريب والتبيئة، وهو ما يدفع إلى بحث مصطلحي في هذا الجانب. من جهة أخرى، قد بات جليًا دور المخابر الأكاديمية واشتغالها في موضوع التكامل والبينية في العلوم الإنسانية والاجتماعية من جهة، والعلوم الطبيعية من جهة أخرى، وبذلك - وفق ما يرى الضيف – صار التكامل المعرفي همًا يسكن هاجس الأطر الجامعية؛ إذ أمست معها بعض رسائل الماجستير تتبنى المقاربة البينية في أطروحاتها، لذا من الواجب النظر إلى الموضوع من ثلاثة مستويات، هي: المستوى البحثي النظري الأبستمولوجي، والمستوى التدريسي والتعليمي البيداغوجي، والمستوى التكويني.

    ثم طرح د. محمد هُمام سؤالا: لماذا تكامل العلوم اليوم؟ وهل نبحث عن شيء غريب غير موجود أم نبحث عن شيء كان موجودًا أو مات ونحتاج لإحيائه. وقد أجاب بقوله: إننا أمام نموذجين؛ نموذج غربي ساد مع النهضة الأوروبية، وقام على تقسيم العمل، وإضافة علوم جديدة واستبعاد أخرى، مثل: الفلسفة والدين، والتأسيس لبراديغم جديد يقوم على الفيزياء والتجربة والقاعدة والتنبؤ، كما حصل مع ما سماه كانت "الفيزياء الاجتماعية"، فقد قام هذا النموذج على الفصل لا الوصل بين القيم والأخلاق والفلسفة، ليحل محلها النموذج الوضعي التجريبي. في المقابل كانت المعرفة الإسلامية قبل ذلك بقرون تتأسس على الوصل – وهذا هو الاختلاف – فالعلوم الإسلامية المختلفة كلها تدور في فلك الدين والقرآن الكريم...إلى أن تحوّلت المعرفة الإسلامية إلى الوافد الجديد أمام الحركة الاستعمارية، فصرنا ملزمين بتطبيق هذا المنهج التجزيئي القائم على الفصل بين التخصصات، دون إنكار لما حققّه من إنجازات.

    وقد استدلّ الدكتور محمد همام في حديثه على نماذج من العلماء المسلمين القدامى الذين مارسوا وحققوا التكامل معتمدين نموذج الوصل في علومهم وكتاباتهم، مثل: لسان الدين بن الخطيب، وعمر الخيام، والغزالي، وابن سينا وغيرهم.

    ويرى الدكتور محمد هُمام أن الخروج من الوضع التخصصي التجزيئي المأزوم لا يكون إلا بتبني التكامل المعرفي؛ إذ هو سبيل الإبداع واستثمار للتطور الحضاري. فإدوارد سعيد قد تحدّث عن انتقال النظريات، ورأى في ذلك إغناء للتخصص ونقله من بؤرته المركزية إلى الحدود ليلتقي مع تخصصات أخرى.

    كما بيّن الضيف نماذج حديثة دعت لتضافر العلوم سواء عربيًا أو غربيًا، فعند العرب أشار د. محمد همام إلى جهد المغربين عبد الله حمّودي وحسن رشيق، وغربيًا ذكر جهود بيرمان في اللسانيات القانونية، والبلجيكية إيزابيل ستنكرز في كتابها "عن الآخر، المفاهيم الرحالة" وكتاب روبار"الإبداع في العلوم الاجتماعية: الهامشية المبدعة "، وجهود الفيلسوف الفرنسي إدغار موران.

    واختتم الدكتور هُمام حديثه بالوقوف على معوقات التكامل المعرفي، وذكر منها: الإيديولوجيا التي تعيق التواصل المعرفي بين التخصصات والمتخصصين، والمفاهيم وصناعتها، وكذلك حاجز اللغات، والنموذج التجزيئي والتجريبية في العلوم الإنسانية، منهيا محاضرته بأهمية مفهوم التجسير دون التقريب والتبيئة والتداخل، فالتجسير – حسب وجهة نظر المحاضِر – يعطي فرصة للحوار لا الإقصاء والإلغاء.

    وقد أعقب ذلك مداخلات وأسئلة طرحها حضور الندوة التي استمرت ساعة ونصف.

    <iframe src="https://www.googletagmanager.com/ns.html?id=GTM-5WBKWT7" height="0" width="0" style="display:none;visibility:hidden"></iframe>