تخطي أوامر الشريط
التخطي إلى المحتوى الأساسي
تسجيل الدخول

    مؤتمر مركز ابن خلدون السنوي للتجسير 2024

    VPRGS photo ​ نظم مركز ابن خلدون للعلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة قطر مؤتمره الدوري السنوي الثاني للتجسير بعنوان: "انعكاسات الأحداث الكبرى على عالَم الأفكار: مقاربة بينية في قياس الوعي العربي"، وذلك في الخامس من أكتوبر 2024م، وقد أقيم المؤتمر في قاعة كلية القانون بجامعة قطر، وقدِّمت فيه 7 أوراق بحثية، كما شارك عددٌ من الأكاديميين والباحثين من مختلف التخصصات في الجلسة المفتوحة التي انعقدت في ختام المؤتمر بعنوان: ماذا غيَّرت غزة في عالم الأفكار؟

    اختصّ المؤتمر في دورته الحالية بالبحث في انعكاسات الأحداث الكبرى على عالَم الأفكار في قياس الوعي العربي، وذلك من منطلق أن العالَم العربي قد شهد أحداثًا كبرى تركت بصمة واضحة على حركة الأفكار، مثل الثورات العربية، وأزمة كورونا، وكأس العالم، والحرب الروسية-الأوكرانية، والعدوان الإسرائيلي على غزة وغيرها من الأحداث التي أثرت، إيجابًا وسلبًا، في تشكيل الوعي العربي وتوجيهه بطرق مختلفة.

    وفي ضوء ذلك جاء هذا المؤتمر الذي يهدف إلى محاولة صياغة أطُر تفسيرية تساعد الباحثين على فهم معطيات الواقع العربي وفهم تأثير الأحداث الكبرى على تطور الأفكار، وذلك من المنظور البيني الذي يتناول القضايا البحثية من وجهات نظر تخصصات متعددة ذات ارتباط بهذه القضايا، من خلال رصد مدى تأثر الوعي العربي بهذه الأحداث، وتعزيز قدرة الباحثين على الربط بين الفكر والواقع، ودراسة العلاقة الجدلية بينهما.

    افتُتِح المؤتمر بكلمة ترحيبية من الأستاذ الدكتور أيمن إربد، نائب رئيس جامعة قطر للبحث والدراسات العليا، الذي رحَّب بالضيوف المشاركين في المؤتمر والحضور الكريم، ثم أشار إلى أهمية هذا المؤتمر والسياق الذي يأتي فيه، حيث قال: إن البشرية قد شهدت "أحداثًا مفصلية كبرى تركت آثارًا على البناء المعرفي والفكري... التي رافقها تراجع قناعات مسبقة وظهور أفكار ومفاهيم جديدة، وليس العالم العربي بمنأى عن هذا الواقع، بل هو في كثير من الأحيان مسرح هذا الواقع...؛ ابتداء بجائحة كورونا ... وصولًا إلى طوفان الأقصى، وحرب إسرائيل الوحشية على غزة وفلسطين ولبنان حاليًا، وغيرها من الأحداث التي أنتجت تحولات اجتماعية واقتصادية وسياسية معقدة، وأنتجت رؤى وأفكارًا ناشئة ومتغيرة"، ومن ثم "من الطبيعي أن تبحث النخب الفكرية الموجودة في العالم العربي في هذا الواقع، وتتلمس درجة تأثيرها على البنى الثقافية والفكرية للمجتمعات العربية".

    ثم جاءت كلمة الدكتور نايف بن نهار، مدير مركز ابن خلدون، الذي قال في كلمته: "إن تأثير حركة الواقع على الأفكار من المسارات التي يندر أن يهتم بها الأكاديميون كعمل عام ومشاريع كبرى، وأن هذا الموضوع لم يصبح مسارًا بحثيًا حقيقيًا، يتقاطر عليه الباحثون من مختلف التخصصات..."، ثم يذكر الدكتور نايف بأن "هناك أحداثًا كبرى مرت على العالم العربي خصوصًا، والعالم عمومًا... وهناك أفكار تبقى وأفكار تزول... فمن واجب المشهد الأكاديمي أن يسهم في رصد ما دخل وما خرج من هذه الأفكار؟ ولماذا دخل؟ ولماذا خرج؟ وهكذا تنتظر المجتمعات من المؤسسات الأكاديمية أن تقدم لها تصورًا ناضجًا عن عالم الأفكار"، ولهذا يذهب إلى أن "هذا المؤتمر ليس طموحه مقتصرًا على النظر في المعالجات الجزئية التي يقدمها الباحثون المشاركون فيه، بل يتجاوز إلى أن ينبه الباحثين على هذا المسار البحثي، وأن يفتح هذا الأفق العلمي في المشهد البحثي".

    ثم تتابعت جلسات المؤتمر الثلاثة، حيث أدارت الجلسة الأولى أ. عفراء حسن الخليفي، باحثة في مركز ابن خلدون للعلوم الإنسانية والاجتماعية، وقد شارك في هذه الجلسة ثلاثة باحثين، حيث قدّم د. أحمد أبو العلا مداخلته بعنوان: انعكاسات جائحة كورونا على أنماط التفكير بالمجتمع المصري: دراسة على عينة من الأكاديميين"، في حين كانت مداخلة د. منصور بن زاهي بعنوان: "الشعور بالاغتراب الاجتماعية في زمن كورونا وعلاقته بالأفكار الإجرامية لدى الشباب الجزائري"، وكانت الورقة الثالثة والأخيرة للدكتور عبد الخالق سداتي، والتي جاءت بعنوان: "أثر الجوائح العابرة للقارات على تغير طرق التفكير وأشكال الممارسات اليومية لدى فئة الشباب المغربي: دراسة سوسيولوجية بجهات الجنوب المغربي"، وقد استمرت هذه الجلسة لمدة ساعة ونصف، تخللتها تعليقات ومداخلات.

    وقد بدأت الجلسة الثانية بعد استراحة قصيرة، والتي أدارها الدكتور محمد راشد المري، أستاذ في كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة قطر، وشارك فيها أربعة باحثين، حيث كانت المداخلة الأولى منها بعنوان: "العدوان على غزة وأثره على اليافعين في تونس: دراسة ميدانية"، وكانت للدكتور الطيب طويلي، في حين قدّم د. وليد العويمر المداخلة الثانية بعنوان: "موقف النخب الأردنية تجاه الدول الإقليمية والحركات المسلحة من أحداث قطاع غزة واختلاف تصوراتهم عن المقاومة قبل الأحداث وبعدها"، وكانت المداخلة الثالثة للدكتور مصطفى بخوش بعنوان: "تأثير معرفة طوفان الأقصى على الاهتمامات البحثية العربية في حقل العلوم السياسية والعلاقات الدولية"، في حين كانت المداخلة الرابعة والأخيرة للدكتور علي محمد سالم، والتي كانت بعنوان: "العدالة في عالم غير عادل: دور الصراعات السياسية والإقليمية والعالمية في تغيير اتجاهات الشباب نحو الاعتقاد بعدالة العالَم- دراسة مقارنة في ضوء الحرب الروسية الأوكرانية والحرب الإسرائيلية على قطاع غزة".

    وقد تناولت هذه الأوراق البحثية نماذج من الأحداث الكبرى، مثل أزمة كورونا، وطوفان الأقصى، وانعكاساتها على عالَم الأفكار، من وجهات نظر تخصصات عديدة، كالعلاقات الدولية، والسياسة، وعلم النفس، وعلم الاجتماع وغيرها. في حين خصِّصت الجلسة الأخيرة المفتوحة للبحث في الإجابة عن سؤالها المركزي: ماذا غيّرت غزة في عالَم الأفكار؟

    وقد شارك في هذه الجلسة عددٌ كبير من المشاركين الذين تطرقوا لعدد من القضايا والقناعات التي يرون أنها تغيرت لديهم، من خلال أحداث غزة، مثل الموقف من القانون الدولي وحقوق الإنسان، حيث لا يرى بعض المشاركين أن أحداث غزة برهنت على عدم فائدتها، كما أن أحداث غزة حوّلت قضية فلسطين قضية عالمية، كما غيّرت نظرة الكثير من الغربيين في النظر إلى الإرهاب، حيث ظهر عيانًا أن المسلمين هم الضحية، وليسوا إرهابيين، كما أن هذه الأحداث عطّلت مسار التطبيع، وأثبت عدم جدوى عملية السلام مع الكيان الصهيوني.

    ​​