تخطي أوامر الشريط
التخطي إلى المحتوى الأساسي
تسجيل الدخول

    الترجمة ودورها في النهوض بالفكر الإنساني


    نظّم مركز ابن خلدون للعلوم الإنسانيَّة والاجتماعيّة بالشراكة مع جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي ودار نشر جامعة قطر ندوة علميّة بتاريخ 12 ربيع الأول 1441هـ الموافق 9 نوفمبر 2019م بعنوان: "الترجمة ودورها في النهوض بالفكر الإنساني" في قاعة المؤتمرات بمبنى الإدارة العليا، جامعة قطر.

    وتأتي هذه الندوة ضمن الأطر الاستراتيجية الخمسة التي يعمل في ضوئها مركز ابن خلدون، لا سيما إطاري المثاقفة والمواكبة.

    افتُتحت الندوة التي أدارتها الباحثة سارة علي الصلابي بالجلسة الأولى التي ترأستْها السيدة/ سلوى كحيل حول دور الترجمة وأهميتها في الفكر الإنساني. وشارك فيها كل من الدكورة امتنان الصمادي، والدكتورة حنان الفياض، والدكتور طارق خويلة، والأستاذ الدكتور عبد القادر فيدوح.

    وقالت الدكتورة امتنان الصمادي، وهي أستاذ مشارك في الأدب العربي بجامعة قطر، في حديثها: إن الحضارة العربية الإسلامية لم تغفل الآخرين منذ البداية، حيث نجد أن خالد بن يزيد بن معاوية قد اهتم بنقل الكتب اليونانية إلى اللغة العربية، وكانت الدولة الإسلامية تقيِّم العلم بالذهب، حيث كان المأمون يقوّم ترجمات حنين بن إسحاق بالذهب، ولم يكتفِ المسلمون بترجمة علوم الآخرين، بل شرحوها ونقحوها، كما نراه عند ابن رشد وغيره.

    واستمرارًا لهذه الجهود أنشئت جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الحضاري لتثمين جهود المترجمين الكبار، وإبراز أعمالهم، وتحفيز طاقتهم الإنتاجية.

    وقالت الدكتور حنان الفياض، وهي مستشارة إعلامية لجائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي، في حديثها: أنشئت جائزة الشيخ حمد في 2015م لجائزة عالمية، وكان من أهدافها: تقديم المترجمين المبدعين ودورهم في تقريب الإنسانية، ورفع مستوى الترجمة في العالم العربي.

    كما أشار الدكتورة حنان إلى أن الجائزة قسِّمت إلى ثلاث فئات: فئة الكتب المفردة التي يقوم بترجمتها شخص واحد، وفئة الإنجاز، وهي عبارة عن مجموعة من الأعمال المتميزة تسهم في رفع مستوى الترجمة، وفئة الإنجاز باللغلتين الرئيستين، وهما العربية والإنجليزية، وكل ذلك بهدف تمتين دور الترجمة والمترجمين على مستوى العالم.

    وقال الدكتور طارق خويلة، رئيس قسم الأدب الإنجليزي واللسانيات بجامعة قطر، في حديثه: إن هناك عقبات كثيرة تقف في طريق الترجمة من اللغات الأجنبية إلى اللغة العربية والعكس، منها عدم إدراك المترجمين خصوصية اللغات والمتحدثين بها، وخصوصية المتلقّي في اللغة المنقولة، بالإضافة إلى صعوبة ترجمة المصطلحات الخاصة بكل لغة.

    ويرى الدكتور خويلة أن حل قضية خصوصية المتلقي يمكن عن طريق الاستفادة من علم اللغة النفسي الذي يولي اهتمامًا بدراسة نفسية المتلقي، ومن هنا اقترح منهجًا جديدًا لبناء قواعد بيانات تقوم على الفهم اللغوي النفسي لإدراك المتلقي غاية الثقافة المنقول منها.

    وتحدث الأستاذ الدكتور عبد القادر فيدوح، وهو مدير المشاريع البحثية في دار نشر جامعة قطر، عن أهداف دار نشر جامعة قطر واهتماماتها، وأنها تنشر الأعمال الجيّدة التي تضيف جديدًا إلى المعرفة الإنسانية، وأن من أهداف تأسيس دار نشر جامعة قطر دعم البحث في الحرم الجامعي، ونشر الكتب والمجلات والرسائل الجامعية وغيرها مما يضيف معارف جديدة إلى المتنمين إلى الجامعة، وأن دار النشر تنظر إلى الترجمة باعتبارها فعلًا من أفعال التواصل الثقافي، ونقل هوية ثقافية إلى هوية ثقافية مختلفة.

    وكانت الجلسة الثانية عبارة عن محاضرة للمفكر التونسي الأستاذ الدكتور/ أبو يعرب المرزوقي، وقد عقّب عليها الأستاذ الدكتور/ عبد القادر بخوش، رئيس قسم العقيدة والدعوة بكلية الشريعة والداسات الإسلامية بجامعة قطر، وقد أدار الجلسة السيد/ عبد الرحمن المري.

    وقال أبو يعرب في حديثه: إن هناك تجربتين أساسيتين أدّتا إلى نقلة نوعية في تاريخ البشرية، وهما: نقل المعارف من اللغة اليونانية إلى اللغة العربية، ثم نقلها من اللغة العربية إلى اللغات الأخرى، كما أشار إلى إسهامات المفكرين المسلمين، كابن خلدون وابن الهيثم والغزالي وعمر الخيام وغيرهم في تاريخ العلوم والعمران الإنساني.

    وتساءل المرزوقي قائلًا: هل المثاقفة تنهض بالفكر؟ ثم قال: إن المثاقفة بالطريقة التي نمارسها تتنافى مع النهوض الفكري؛ لأنها تعمل على تنميط الفكر فتسد السبل المختلفة لإثراء الفكر، وتحول دون الإبداع؛ لأن سنة الله في الكون هي الاختلاف والتعددية، فإذا كانت هناك ضرورة للترجمة فلا بد أن يتم ذلك من خلال المحافظة على الخصوصية الثقافية لكل مجتمع؛ لأننا لا نريد للبشر أن يفقدوا تضاريس ثقافاتهم الخاصة.

    وتساءل أيضًا: عندما ندرس ما يقدمه الآخرون بلغاتهم فأين إبداعنا وإضافتنا للعلوم؟ مؤكدًا أن لدينا إرثًا كبيرًا يمكن الانطلاق منه نحو النهوض الفكري.

    وعقب الدكتور عبدالقادر بخوش على محاضرة الدكتور أبو يعرب من خلال تساؤلات عدة، أهمها أثر اختلاف استقبال الثقافة العربية لرموز الثقافة الغربية كديكارت وسارتر وتوجهاتها على ثقافتنا العربية، وكيف نوظف الترجمة لتحقيق التعايش والحوار في ظل نظريات متعددة من الغرب من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار؟

    وقد تميزت الجلستان بتفاعل من الحضور مع القضايا التي طرحها المشاركون، كما تخللت الجلسات بملاخلاتٍ الحضور عليها، وأسئلتهم حول القضايا المبحوثة، وختمت الندوة أعمالها في الساعة الواحدة والنصف ظهرًا.