أنزل الله عز وجل القرآن العظيم ليهدي الناس للتي هي أقوم، وهذه الهداية عامة وليست خاصة بمجال دون آخر، فللقرآن هدايته التامة في التربية والنفس والاجتماع والاقتصاد والسياسة والإدارة وسائر المجالات الإنسانية، لا سيما على مستوى ترشيد المعرفة الإنسانية وإصلاحها، إذ لا تخلو معرفة إنسانية من قيم وأخلاقيات.
وارتباط القرآن بالمعرفة الإنسانية، تفسيرًا وترشيدًا، أمرٌ تثبته نصوص القرآن نفسها، التي تتضمن حديثًا مباشرًا عن المعارف الإنسانية بمختلف مجالاتها، فثمة نصوص ذات دلالات تربوية في مختلف أنماط ومستويات التربية؛ ونصوص تتحدث عن كيفية إدارة الاجتماع الإنساني، وعن الظواهر الاجتماعية السلبية ودوافعها وكيفية معالجتها؛ ونصوص تتعمق في النفس الإنسانية، تسبر صفاتها السلبية وترصد المظاهر الناشئة عن ذلك؛ ونصوص أخرى تتحدث عن مكونات الحياة الاقتصادية المختلفة، وهلم جرا... وعلى الرغم من كثرة النصوص القرآنية ذات الأبعاد المعرفية، فإن القرآن لا يحظى بالاهتمام الكافي في المؤسسات التعليمية، لا سيما مؤسسات التعليم العالي، التي أصبحت معارفها تنشأ وتنمو بعيدًا عن الرشد القرآني. ومن هنا فقد ارتأت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالاشتراك مع مركز ابن خلدون للعلوم الإنسانية والاجتماعية تنظيم مؤتمر سنوي يستقطب الباحثين من مختلف التخصصات بهدف تثوير المعاني القرآنية ونظمها في واقع المعرفة الإنسانية المعاصر.