تخطي أوامر الشريط
التخطي إلى المحتوى الأساسي
تسجيل الدخول

    المسألة الدينية في دساتير دول العالم

    المؤتمر الدولي: المسألة الدينية في دساتير دول العالم: الأبعاد التاريخية والسياسية والقانونية والثقافية

    ينظِّم مركز ابن خلدون للعلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة قطر مؤتمرًا دوليًا بعنوان: "المسألة الدينية في دساتير دول العالم: الأبعاد التاريخية والسياسية والقانونية والثقافية"، وذلك من الثالثة إلى الخامسة مساءً على مدار أربعة أيام (24-27 يناير) عبر منصة ويكبس WebEx الإلكترونية، وشارك فيها 17 باحثًا من مختلف دول العالم.

    وقد خصِّص اليوم الأول من المؤتمر لدراسة الأبعاد التاريخية والثقافية للمسألة الدينية في دساتير دول العالم، وافتُتِحت أعماله بكلمة من الأستاذة الدكتورة مريم المعاضيد، نائب رئيس الجامعة للبحث والدراسات والعليا بجامعة قطر، حيث شكرت في بداية حديثها المركز على طرح هذا الموضوع المهم أمام الباحثين المتخصصين في العالم، كما أشادت بأهمية هذا الموضوع في الوقت الراهن وأن الدساتير وكتابتها مهمة جوهرية، تحتاج إلى خبرات كبيرة تراعي هوية المجتمع، وتحترم روح الأديان وحقوق الإنسان، وأن المؤتمر يناقش هذه القضية في سياق شامل وبمنهجية مقارنة تُدرك أبعادها المختلفة، وقالت أيضًا: "إن هذا المؤتمر يفتح آفاقًا علمية جديدة تواكب العصر وتسهم في إنتاج معارف دستورية ونشرها والاهتمام بها"، وختمت حديثها بشكر المشاركين في هذا المؤتمر وتمنيات التوفيق النجاح للمؤتمر.

    ثم تَلَتْ كلمة الدكتور نايف بن نهار، مدير مركز ابن خلدون للعلوم الإنسانية والاجتماعية، وقال فيها: إن هذا المؤتمر يأتي تحت إطار التجسير الذي يقصد تجسير العلاقة بين مختلف العلوم الاجتماعية والإنسانية، حيث إنه يناقش الأبعاد التاريخية والسياسية والاجتماعية والقانونية لفهم علاقة الدين بالدساتير وانعكاساته على المستويات السياسية والاجتماعية والثقافية، كما أشار الدكتور نايف إلى أن المسألة الدينية لها راهنية كبيرة جدًا، حيث إن جدل الدين والسلطة مؤثر جدًا على الواقع، وأن التموضع الدستوري للدين لم يحسم أي مسألة في دول العالم، حيث إن بعض الدول تقصي الدين عن دساتيرها، ولكن ممارساتها تجاه الدين مختلفة جدًا، فالدول العلمانية التي تقصي الدين عن الدستور كفرنسا وأستراليا وهولندا ونرويج وبلجيكا وغيرها، نجد أن ممارساتها تجاه الدين مختلفة، وهذا يدل على أن حضور الدين في الدستور لا يُنهي الجدل، وعلى العكس من ذلك نرى دولًا تنص دسايترها على الدين، ولكن معاملاتها مع المسألة الدينية مختلفة، وكل هذا يُظهر أهمية هذا المؤتمر، ويرى الدكتور نايف أن من المسائل المهمة بالنسبة لهذا المؤتمر: مسألة التموضع الدستوري للدين، وما مدى تعبيره عن جدل ذاتي بين المجتمع ونفسه؟ بمعنى هل ما نراه من وجود للدين في الدساتير هو تعبير مباشر عن إرادة المجتمع والتطورات التراكمية في المجتمعات الإنسانية، أم أنها بتأثيرات خارجية؟ لنأخذ النموذج السنغالي مثلًا، فإن دستور سنغال ينص على مبدأ اللائكية في الدستور، مع أنها دولة ذات أغلبية مسلمة، فالسؤال: ما مدى تعبير هذا المبدأ عن رغبة المجتمع السنغالي؟ وكذا نجد الدول التي كانت تحت الاستعمار البريطاني أو الاتحاد السوفياتي السابق تنص على أنها دول علمانية، مع أن قضية العلمانية تعبِّر عن جدل طويل بين الدين والسلطة في السياق الأوروبي على وجه الخصوص، لكن تفعيلها وتوضيحها في السياق الإسلامي لا يوجد له أهمية، حيث لا توجد سلطة دينية في الإسلام بالمعنى الغربي، ولا نجد مثل هذا الحضور العلماني إلا في الدول التي كانت تحت الاستعمار، فالسؤال: ما مدى تغلغل العامل الخارجي في تحديد طبيعة الحضور الديني في دساتير الدول الإسلامية؟

    وهناك أسئلة كثيرة يمكن مناقشتها وبحثها من خلال هذا المؤتمر، وختم الدكتور نايف حديثه برجاء التوفيق للمؤتمر وأعماله.

    ثم تلا حديث الدكتور محمد مختار الشنقيطي، ممثل اللجنة العلمية للمؤتمر، وجاء فيها: إن الجدل الساخن حول طبيعة العلاقة بين الدين والدستور، لا سيما بعد الثورات العربية، وصل إلى مداه، غير أنه لم يتسلح تمامًا بالمادة العلمية للازمة، ولم تستقرأ تجارب الأمم الأخرى في هذا المجال، ولا يخفى أن العلاقة بين الدين والدستور هي ترجمة إجرائية للعلاقية بين الدين والسطلة، والأديان تختلف من حيث مكوِّناتها، ومن حيث مستوى اتساعها لحركة الحياة، فهناك ديانات الحد الأدنى التي لا تزيد على الشعائر والعقائد والقصة الكونية التي تحكي عن أصل الإنسان ومصيره، وليست فيها منظومة أخلاقية أو تشريعية، وهناك ديانات متوسطة، فيها بالإضافة إلى ماسبق منظومة أخلاقية، ولكن ليس فيها تشريعات، كالمسيحية والبوذية، والإسلام جعله الله تعالى الديانة الخاتمة والشاملة؛ لأن كل الديانات السابقة كانت ظرفية وجزئية، فمن الإنصاف العلمي أن نميز بين ديانات الحد الأعلى التي يمثلها الإسلام وبين ديانات الحد الأدنى والأوسط كبقية الديانات. ويرى الدكتور الشنقيطي أن قضية الدين في الدستور قضية مرتبطة بالديمقراطية واحترام خيارات الشعوب، حيث إنه بقدر ما تُحترم خيارات الشعوب بقدر ما تعكس دساتيرها قيمها وأديانها، والعكس أيضًا صحيح، وهي قضية معقدة، يتمُّ تناولها وبحثها بالتفصيل من خلال جلسات هذا المؤتمر.

    ثم بدأت جلسة اليوم الأول التي ترأَّسها الأستاذ الدكتور أحمد إبراهيم أبو شوك، وشارك فيها كلٌ من الدكتور متين شريف أوغلو بورقة بحثية بعنوان: "قانون نظام الملة وحقوق غير المسلمين في الدولة العثمانية"، والدكتور طلال عبد اللطيف الجسار ببحث معنون: "وثيقة الاثني عشر: خطاطة في العصور الوسطى في تنظيم العلاقة بين الدين والقانون"، والدكتور محمد السيد الصياد ببحث عنوانه: "من الدولة الدستورية إلى الشرعية الإلهية: دراسة في موقع الدين والمذهب في الدستور الإيراني"، والأستاذ أحمد الحبشي بدراسة معنونة بـ "الخلفية التاريخية لوضعية الدين في الدستورين المغربي والإسباني: دراسة مقارنة".

    ثم كانت جلسة اليوم الثاني، والتي ترأَّستها الدكتورة مريم أبو شريدة، والتي كانت بعنوان: الأبعاد القانونية للمسألة الدينية في دساتير دول العالم. وشارك فيها كلٌ من الأستاذ الدكتور كمال جعلاب ببحث معنون بـ: "دسترة الدين والإرادة العامة". والدكتور رشاد توأم ببحثه: "بطل الرواية: الدين في مقدمات الدساتير وأثره في جدل قميتها القانونية". والدكتور أحمد ذيب ببحثه المعنون: "مستويات الإشكال القانوني للنص الديني في دساتير الدول الإسلامية: من سؤال التنصيص إلى مأزق الإجراء"، والدكتور محمد بركة ببحث معنون بـ: "الآثار القانونية للاعتراف الدستوري بدين رسمي للدولة".

    وكانت جلسة يوم الثلاثاء بعنوان: "الأبعاد السياسية للمسألة الدينية في دساتير دول العالم"، وترأسها الدكتور محمد بوبوش. وشارك فيها كل من الدكتور عبد الرحمن آدم ببحث معنون بـ: "الدين والعلمانية في دساتير مجموعة دول شرق أفريقيا: دراسة في المكانة والتأثير". والدكتور مصطفى بنموسى ببحثه: "التنصيص على الدين في الدساتير الغربية بين الاعتناق العقائدي والتوظيف السياسي"، والدكتور عبد القادر سوداني بدراسته: "دستور تونس سنة 1861: السياق المحلي والضبط الخارجي"، كما شارك الدكتور حكيم إبراهيم وأحمد الشمري بورقة بحثية بعنوان: "الدستور الماليزي وما يتمتع به من قوانين ذات طابع ديني: دراسة قانونية شرعية".

    وكانت جلسة يوم الأربعاء بعنوان: "نماذج توظيف المسألة الدينية في دساتير دول العالم"، وقد ترأسها الدكتور حمد حامد الأحبابي. وشارك فيها كل من الدكتور دحمان حمادو بورقة بحثية بعنوان: "حرية المعتقد بين المنظور القانوني والممارسة العملية في الجزائر وفرنسا: دراسة مقارنة"، والدكتور محمد المساوي ببحث معنون بـ: "إمارة المؤمنين في النظام السياسي المغربي: بين النص الدستوري والتوظيف السياسي"، والأستاذ ثامر سعداوي ببحثه: "المسألة الدينية في الدساتير التونسية: في دستور 1959 ودستور 2014"، والأستاذ طالب الدغيم بورقة بحثية معنونة بـ: "جدلية التنصيص على الدين في إطار النقاشات الدستورية في سوريا: قراءة تاريخية على ضوء الوثائق الرسمية بين عامي 1920-2012".

    وقد تميزت الجلسات كلها بتفاعل من الحضور مع القضايا التي طرحها المشاركون، كما تخللت الجلسات إجابات المشاركين على أسئلة الحضور حول القضايا المطروحة​