"الدراسة التي قُمنا بها عن التوحد والتغذية الدقيقة بإمكانها أن تكون دليلًا إرشاديًا لرعاية الأفراد المصابين بالتوحد"
تضاعفت جهود جامعة قطر في المجال البحثي والإسهام في تطوير القطاع الصحي في دولة قطر؛ حيثُ يعمل العديد من العُلماء والباحثين في الجامعة على صبِّ جهودهم البحثية لتحقيق تقدُّمٍ حقيقي في المعرفة والإسهام في حلّ التحديات المعاصرة وتحفيز الابتكار وتعزيز الاقتصاد والإسهام في التأثير المحلي والدولي. وبكونها عضوًا بارزًا في قطاع العلوم الصحية والطبية بجامعة قطر؛ فقد ارتكزت الجهود البحثية للأستاذة الدكتورة سوسن غلام محمد الأستاذ المساعد في التعليم الإكلينيكي حول مجموعة واسعة من التحديات الطبية الراهنة، أبرزُها: اضطرابات التوحد، مرض السرطان، والسكري.
حصلت الأستاذة الدكتورة سوسن غلام محمد على بكالوريوس الطب (MD) من جامعة الخليج العربي في عام 1997، وانضمت إلى مؤسسة حمد الطبية (HMC)، ولديها 13 عامًا من الخبرة كطبيبة ممارسة في كُلٍ من: قطر (مؤسسة حمد الطبية HMC) والسويد (معهد كارولينسكا)، وقد تعاملت بشكل رئيسي مع المرضى الذين يحتاجون إلى إعادة تأهيل الجهاز العصبي واكتسبت اهتمامًا في الطب الجزيئي.
وفي الفترة ما بين (2011-2014)، تلقَّت الأستاذة الدكتورة سوسن تدريبًا إضافيًا في مستشفى هايدلبرج الجامعي الواقع في جامعة هايدلبرج الألمانية، وقد واصلت أبحاثها في مجالات المضاعفات المتأخرة لداء السكري والسرطان، وذلك في المركز الألماني لأبحاث السرطان (DKFZ)، والتحقت بالدراسات العليا في جامعة هايدلبرج الألمانية وحصلت في عام 2019 على درجة الدكتوراه في الطب. وفي عام 2022، انضمت الدكتورة سوسن إلى جامعة قطر كأستاذ مساعد للتعليم الإكلينيكي في كلية الطب، وقد تشمل مجالاتها البحثية: الطب الدقيق (التغذية الدقيقة)، وتدهور واضطرابات التطور العصبي، مثل التوحد. وإضافة إلى ذلك، فهي شغوفة بتطبيق مفاهيم التغذية الدقيقة على صحة الأمهات والأطفال الرضع في قطر، وقد نشرت العديد من الأوراق البحثية في هذه المجالات.
وعن رحلتها في المجال العلمي، فقد اهتمت الأستاذة الدكتورة سوسن بمجال الطب الدقيق وبالتحديد التغذية الدقيقة، وكان اهتمامها الأول منصبًا في مجالات أمراض السكري والسرطان، وتطور هذا الاهتمام إلى تطبيق التغذية الدقيقة في مجالات أمراض الجهاز العصبي واضطرابات التطور العصبي. وفي هذه المرحلة، أرادت التركيز على التوحد باعتباره واحد من أكثر اضطرابات التطور العصبي شيوعًا وتحديًا في الأطفال، وذلك بسبب أهميته لدولة قطر وتأثيره على المجتمع، حيث أن معدل انتشار التوحد في قطر أعلى مقارنة بالبلدان الغربية.
كما أسهمت بكتابة 5 فصول في كتابٍ رائد في مجال التغذية الدقيقة بعنوان "التدخل الغذائي الشخصي وعلاج اضطراب طيف التوحد" والذي نشرته دار النشر المرموقة سبرينغر نيتشر، وفاز الكتاب بجائزة جورماند 2022 كأفضل كتاب في العالم لعام 2022، وذلك ضمن فئة كتب الصحة.
وفي تصريح لها حول رحلتها العلمية في التركيز على مرض التوحد، قالت الأستاذة الدكتورة سوسن غلام محمد: "لقد كانت المعالجة الخاصة لهذه الاضطرابات تحديًا، فعند النظر في التجارب السريرية السابقة التي تم إجراؤها لعلاج التوحد واضطراب فرط الحركة؛ نجد أن التدخل الغذائي يُستخدم بشكل متكرر كوسيلة مكملة للعلاج وضبط السلوك. ويمكن أن يكون التشخيص المبكر لنقص التغذية واضطرابات التمثيل الغذائي بالتزامن مع التدخلات العلاجية والسلوكية الدقيقة أساسًا لتحسين القدرات الذهنية والسلوكية للأفراد الذين يعانون من التوحد أو اضطراب فرط الحركة. وقد أظهرت العديد من الدراسات أن زيادة تناول عناصر غذائية محددة يمكن أن تقلل من الأعراض والأمراض المصاحبة لهذه الاضطرابات. وبالتالي، يمكن أن يكون التدخل الغذائي والمكملات المناسبة أمرًا حاسمًا في إدارة وعلاج التوحد".
وأضافت: "الدراسة التي قمنا بها عن التوحد والتغذية الدقيقة ذات أهمية كبيرة لدولة قطر ونظامها الصحي؛ حيث يمكن أن تكون دليلًا إرشاديًا للتدخلات العلاجية وإدارة وتوجيه الموارد لرعاية الأفراد المصابين بالتوحد. وعلاوة على ذلك، فنحن نعمل على استكشاف تأثير نقص التغذية على الصحة الإنجابية وصحة الأمهات والأطفال الرضع. أثناء فترة الحمل؛ تلعب تغذية الأم دورًا حاسمًا في تشكيل صحة الأم والطفل على حد سواء. نحن نبحث حاليًا تأثير فيتامين B12، فيتامين B9 (حمض الفوليك)، فيتامين D، والحديد، وغيرها من المغذيات الدقيقة. إن تطوير فهم أعمق لنقص المغذيات الدقيقة يسمح لنا بمعالجة أسباب النقص، والتخفيف من المخاطر، وتقديم تدخلات علاجية فعالة".
وأشارت الأستاذة الدكتورة سوسن غلام محمد إلى أن جامعة قطر توفر بيئة بحثية مشجعة للعُلماء والباحثين، وذلك من خلال تقديم تمويل ومنح مهمة لدعم الباحثين الرئيسيين، إضافة إلى دعم الحضور والمشاركة في المؤتمرات الدولية وتوسيع شبكة الشُركاء؛ مِمَّا يتيح إقامة شراكات بحثية فاعلة والحصول على تغطية علمية مناسبة، والذي يُسهم، في المقابل، في تعزيز سمعة ومكانة جامعة قطر.