أعلن مركز أبحاث حيوانات المختبر بجامعة قطر عن نتائج دراسة هامة تسلط الضوء على تأثير النظام الغذائي الغني بالسكر في السنوات المبكرة من حياة الإنسان. وأجرى هذا البحث الفريق البحثي بقيادة الدكتورة حمدة عبدالله النعيمي، مديرة المركز والباحث الرئيسي في هذا الدراسة والمتخصصة في علم وظائف الأعضاء، وبمشاركة الدكتور مورالي كونار، المتخصص في البيولوجيا الجزئية، والدكتورة كافيتا فاردراجان، المتخصصة في الكائنات الدقيقة، والباحثة ريم الأسمر، ماجستير علوم بيئية بتخصص الكائنات الدقيقة، وعدد من طالبات العلوم البيولوجية بكلية الآداب والعلوم في جامعة قطر بتصميم بحث لمحاكاة نمط الحياة المبكرة بعد سن الفطام، وما يصاحبها من الاستهلاك العالي للمشروبات عالية المحتوى السكري.
وهدفت الدراسة إلى تقييم تأثير الاستهلاك طويل الأمد لنظام غذائي عالي السكر في السن المبكر من عمر الإنسان على تنوع الكائنات الحية الدقيقة في الأمعاء وذلك بهدف دراسة الاختلالات الأيضية المصاحبة لهذا النمط الحياتي في ظل توافر كمية كبيرة من السكريات لتجمع الكائنات الحية التي تقطن الأمعاء، وما يصاحبها من تغيرات لفهم التحولات، وإيجاد طرق للتشخيص المبكر واقتراح طرق للوقاية.
وقد تم اختيار فئران التجارب في عمر يحاكي عمر الطفل بعد سن الفطام (حوالي سنتين) وتوفير ماء يحتوي على كميات عالية من السكر لصغار الفئران تماثل ما يستهلكه الطفل لمده طويلة -16 أسبوعًا. وجُمعت عينات الدم والأنسجة خلال فترة البحث وقامت المجموعات البحثية المختلفة بإجراء التحاليل المخبرية المختلفة لتقييم أثر الاستهلاك العالي للسكريات على الأجهزة الحيوية مثل الكبد (تخزين الدهون والسمنة)، وعلى الأمعاء والكائنات الدقيقة التي تقطنها تحت الظروف الطبيعية.
وأظهرت نتائج الدراسة التي تضمنت تغير محتوى الأمعاء الغليظة من الكائنات الدقيقة –الميكرو بيوم- وهي كائنات دقيقه تسكن الأمعاء وتقتات على فضلات أيض الغذاء والمواد المهضومة الزائدة عن سعة عمليات امتصاص الغذاء. فقد أوضحت الدراسة أن استجابة الكائنات للتأثير الغذائي سريعة فهي تتأثر وتتفاعل مع ما يقدمه العائل (الإنسان أو الحيوان) من غذاء. كما أوضحت النتائج أن التعرض لنظام غذائي عالي المحتوى السكري يؤثر على تنوع وخصوصية وديناميكية تجمعات الكائنات الحية –الميكرو بيوم- داخل الأمعاء الغليظة، مما نتج عنه تحول في تجمعات الميكرو بيوم وتزايد أعداد من الكائنات الدقيقة ذات النشاط الضار، وتناقص أعداد من الكائنات ذات النشاط النافع التي أدت إلى زيادة التهاب بطانة الأمعاء وزيادة نفاذيتها للسوائل مما تسبب في تغيرات مرضية لنسيج الأمعاء مصاحبة للفرط في تناول السكريات وتحول مجتمعات الميكرو بيوم.
وتأتي هذه الدراسة للإشارة إلى الاستنتاج المهم بأن فرط استهلاك السكريات له آثار ضاره على الأمعاء وذلك عن طريق المساهمة في تغذية وإكثار مجموعات من الكائنات الحية الضارة التي تستوطن الأمعاء اليافعة وتؤثر سلبيًا على فعالية وصحة الأمعاء خاصة والجسم بصورة عامة. والتوصيات المستنبطة من هذه الدراسة هي التأكيد على الحد من تناول السكريات خاصة في العمر المبكر لاستبعاد توطين الكائنات الضارة في الأمعاء مما يؤثر سلبًا على صحة الانسان.
ومن الجدير بالذكر أن مركز أبحاث حيوانات المختبر يُعد كيانًا بحثيًا متاحًا لجميع الباحثين بالدولة من أجل دعم وتعزيز المشاركة والابتكار في مجال أبحاث حيوانات المختبر على الصعيد المحلي والعالمي لما فيه منفعة لصحة الإنسان والحيوان. ويتبنى الباحثون في المركز نهجًا علميًا تجريبيًا متداخلاً يهدف لاستخدام النماذج الحيوانية لمحاكاة نمط الحياة في دولة قطر لدراسة الاختلالات الأيضية، حيث يقوم الباحثون المنتسبون للمركز بتوظيف أساليب بحثية مبنية على تداخل العلوم الأساسية المختلفة من أجل فتح آفاق جديدة للبحث العلمي في محاولة لفهم الأسباب البيولوجية والفسيولوجية والجزيئية والخلوية والجينية وتداخلاتها في الاختلالات المرضية الناتجة عن عمليات الأيض.
التحاليل الجزيئة للحمض النووي والتي توضح المجتمعات المختلفة من الكائنات الحية في أمعاء الفئران
وكيف تغيرت نتيجة لتناول كميات كبيره من المواد السكرية