تخطي أوامر الشريط
التخطي إلى المحتوى الأساسي
تسجيل الدخول

محرر المحتوى

__NEWS_IMAGE_DESC__

نظمها مركز ابن خلدون للعلوم الإنسانيَّة والاجتماعيّة بجامعة قطر

نظّم مركز ابن خلدون للعلوم الإنسانيَّة والاجتماعيّة بجامعة قطر ندوة علميّة في يوم السبت الموافق 29 محرم 1441هـ الموافق 28 سبتمبر 2019م بعنوان: "التيارات الفكرية في الخليج بين ترف الأيديولوجيا وحاجة الواقع" في قاعة المؤتمرات بمبنى الإدارة العليا، جامعة قطر.

وقد حضر المؤتمر سعادة الدكتور حسن راشد الدرهم، رئيس جامعة قطر، وفضيلة الدكتور نايف بن نهار، مدير مركز ابن خلدون للعلوم الإنسانيّة والاجتماعيّة، وجمع كبير من أعضاء هيئة التدريس، والضيوف، والطلاب، والطالبات، والجمهور.

وتأتي هذه الندوة ضمن إطاري المواكبة والتجسير من أطر مركز ابن خلدون الاستراتيجية الخمسة التي يعمل في ضوئها، كمحاولة لفهم القضايا الراهنية للمجتمع والإقليم من خلال رصدها والنظر فيها من المنظور العلميّ الأكاديمي.

افتُتحت الندوة التي أدارتها الباحثة سارة علي الصلابي بكلمة من فضيلة الدكتور نايف بن نهار، مدير مركز ابن خلدون للعلوم الإنسانية والاجتماعية، حول قضايا الندوة، حيث ركّز فيها على أهمية البحث في التيارات الفكرية الموجودة في الخليج، من حيث كونها حاجة واقعية أو ترفًا أيديولوجيًا.

وقال الدكتور نايف في حديثه: إن هناك إشكالاتٍ وأسئلة حول التيارات الأيديولوجيّة الموجودة في الخليج، منها إشكال المفهوم، وهذا الإشكال يتفاوت من تيار إلى آخر، حيث إن بعضها طوّر نفسها أكثر من هذا الجانب، فالتيار العروبي -مثلًا- يعترف مؤسسوه منذ البداية بأن يجب تجاوز قضيلة المفهوم، فهذا ساطع الحصري يقول: يجب أن نؤمن بالقومية أولًا ثم نبحث عن مفهومها. وهذه إشكالية كبيرة، حيث إن الدين نفسه لا يقبل أن تؤمن به وأنت لا تعرفه، يقول الله تعالى: ﴿فاعلم أنه لا إله الله﴾ فالعلم أولًا، ثم الإيمان، فلا يمكن أن تقبل تياراً في المجتمع، وتسوّغ له وأنت تصرّ على تجاوز المفهوم؛ لأن كل النقاشات في النهاية يرجع إلى المفهوم، فإذا لم تكن الرؤية واضحة فإنه يؤدي إلى افعتال الأزمة الفكرية في الخليج.

ومن الأسئلة المهمة التي ينبغي أن تطرح في هذه الندوة، سؤال الكلفة، فالانتماء ليس عاريًا من الاستحقاقات، فأنت حين تنتمي إلى أيديولوجيا معينة هناك استحقاقات، يجب أن نحاسب التيار وفقًا لها، فنأخذ مثال التيار النسوي، الذي أعتقده أكثر التيارات سعيا لتحقيق الحقوق من خلال الانتماء، هل صار الانتماء إلى هذا التيار تكلفته أكبر من تكلفة المطالبة بالحقوق نفسها؟ بمعنى هل تحققت الحقوق بناء على هذا التيار؟ أم لو أن المرأة في الخليج سعت للحقوق بشكل مباشر كانت سنجني مكاسب أكبر؟ لأن المرأة حنين تنتمي إلى التيار النسوي فإنها معرضة للتهم التي تحتاج إلى نفيها باستمرار، فتتحول المرأة من مهاجمة للمجتمع إلى مدافعة، فمثل هذا يدفعنا إلى أن نسأل عن شرعيّة المطالبة بالحقوق من خلال هذا التيار، وهذا يحتاج إلى مراجعة ذاتية من رموز هذا التيار.

كما أنه يجب أن يُطرح سؤال الغاية من التيارات، فما يريد أصحابها تحديدًا؟ فهل يأتي التيار العروبي -مثلاً- بديلاً عن الخطاب الإسلامي؟ وهل لديه مرجعية بديلة عن المرجعية الإسلامية؟ فإذا كانت لديه مرجعية بديلة، فما المحتوي الفكري لديه؟ فسؤال المقصد بالنسبة للتيار العروبي سؤال مهم جدًا، يجب أن نبحث عن إجابة واضحة له.

ومن الأسئلة المهمة بهذا الصدد سؤال الأولوية، وهو يوجّه إلى التيار العلماني أكثر من غيره من التيارات، فحين نستمع إلى بعض العلمانيين العرب نشعر بأن العلمانية هي الضامن الأكبر لحل مشاكلنا، بحيث لو طبقت العلمانية فمشاكل العرب تنحلّ طوعًا، لكن الواقع على خلاف ذلك، فلو نظرنا مثلًا إلى ثورات الربيع العربي، فإن مسألة الدين والدولة لم نجدها حاضرة فيها، لم يرفع مجتمع شعار الدين والدولة، وهذا يعكس لنا أن العلمانية ليست هي المسألة الأكبر في الوعي العربي. وهذا يعني أن مسألة العلمانية ليست متفقًا عليها بين الشعوب العربية، وإنما هي قضية نخبوية، ولكن الكل متفق على رفض الاستبداد، وسيادة القانون، وأهمية الشفافية، وتعيين الأكفاء، واستقلال القضاء، وغيرها من القضايا المتفق عليه، فهذه هي التي يجب أن نتفق عليه. ولكن المثقفين العرب لا يشتغلون في هذه القضايا المتفق عليها، بل يشتغلون بقضايا لا نجد في الواقع العربي حين نتأمله.

وكل هذه القضايا بحاجة إلى مناقشات وإجابات من خلال هذه الندوة فيما أعتقد، وختم الدكتور حديثه بشكر المشاركين والحضور.

ثم بدأت جلسات الندوة الثلاثة تِباعًا، وكانت الجلسة الأولى برئاسة الدكتورة أمثال الحويلة حول التيار النسوي في الخليج بين ترف الأيديولوجيا وحاجة الواقع، وشارك فيها كل من الأستاذة سعدية المفرح، والدكتورة شيخة الجاسم، والأستاذة نور المالكي، والأستاذة نوف الدوسري، وتحدثنَ عن التيار النسوي من جوانب الاتفاق والاختلاف، والقضايا ذات الاهتمام بهذا التيار، وأبرز ما جاء في حديثهن: إن النسوية في الخليج ظهرت منذ الخمسينات والستينات عن طريق التعليم، وأن الفكر النسوي لا يعني التحرر من الدين، وإنما هو امتلاك المرأة حريتها فيما تقرّر، وأن قضايا المرأة عرضة للمتاجرة، سواء من سلطة الدولة أو سلطة المجتمع، وأن التيار النسوي في الخليج ليس له منطلقات محدّدة؛ لذا وقع في نفس الإشكال الذي ينتقده، حيث إنه غير مستعد لإعطاء المساواة التي يطالب بها للآخرين.

ورأس الجلسة الثانية -التي تمحورت حول التيار العلماني في الخليج بين ترف الأيديولوجيا وحاجة الواقع- الدكتور سلطان الهاشمي. وشارك فيها كل من الدكتور جاسم سلطان، والأستاذ عبد العزيز الخاطر، والأستاذ محمد اليحيائي، وتحدثوا عن التيار العلماء من جوانب الاهتمام الحالي لهذا التيار، وأبرز ما جاء فيها: إن العلمانيّة من المصطلحات الملغمة غير الآمنة، كما أنها ليست شكلًا واحدًا، وإنما هي علمانيات متعددة حسب الواقع واعتباراته، وأنه لا يوجد هناك انتماء حقيقي لهذا التيار، وإنما هو تيارات تحت الطلب، وكما أن هناك دعوات لفصل الدين عن الدولة، فلا بد أن تكون هناك دعوات لتحرير الدين من سلطة الدولة، وأن الشعوب الخليجية بحاجة إلى عقد اجتماعي جديد، تقسَّم فيه السلطة بين الحكام وشعوبها.

أما الجلسة الثالثة والأخيرة فترأسها الدكتور زكريا المحرمي، وكانت حول التيار العروبي في الخليج بين ترف الأيديولوجيا وحاجة الواقع، وشارك فيها كل من الدكتور فيصل بن جاسم آل ثاني، والأستاذ مهنأ الحبيل، والأستاذ عادل مرزوق، والأستاذة مريم الهاجري، وتحدثوا عن الجوانب المختلفة لقضايا التيار العروبي من جانبي الاتفاق والاختلاف، وأبرز ما جاء فيها: إن العروبة دافعًا من دوافع الجمع بين العرب، ولا تعارض بين القومية العربية وبين الإسلام، وأن علاقة العرب مع الأمم الأخرى لا بد أن تكون من خلال العلاقة الإسلامية الواسعة؛ ولا ينبغي أن يؤثر فيها الانتماءات السياسية والسلطوية، وأن الضمير الاجتماعي للشعوب لا يكفِه الحقوق المدينة، بل لا بد من الحصول على الحقوق الأخرى، وأنه لكي نفهم التيار العروبي في الخليج لا بد من فهم التيار العروبي في دول المركز، وهي سوريا، ومصر والعراق، وأغلب الذين مثلوا التيار العروبي في الخليج كانوا طبقة برجوازية، وأنه يعاني من العنصرية، وكان مرتبطًا بأجهزة المخابرات لدول المركز، والتيار العروبي في الستينات وما بعدها تميّز بالاستبداد والإقصاء السياسي، ومع ذلك لا بد من بعث هذا التيار لاستمرار الوجود العربي، وذلك من خلال ثلاثة شروط، وهي: التكتلات الإقلمية الكبرى، وحل الإشكال الصوري بين العروبة والإسلام، حيث لا يوجد إشكال حقيقي، وتبنى معطيات العصر من الحرية والعدالة وغيرها.

وقد تميزت الجلسات كلها بتفاعل كبير من الحضور مع القضايا التي طرحها المشاركون، كما تخللت الجلسات بتعقيبات رؤساء الجلسات على الأبحاث المقدّمة في كل جلسة، وملاخلاتٍ الحضور عليها، وأسئلتهم حول القضايا المبحوثة.

وختم المؤتمر أعماله بتكريم المشاركين ورؤساء الجلسات من قبل رئيس الجامعة/ الدكتور حسن راشد الدرهم، وكلمته الختاميّة التي شكر فيها لمركز ابن خلدون ومديره/ الدكتور نايف بن نهار وفريقه على تنظيم هذه الفعالية الحوارية المفتوحة التي أتاحتْ للجمهور وطلاب وطالبات الجامعة التفاعل مع القضايا المطروحة في المجتمع بحرية، كما شكر الدكتور الدرهم جميع المشاركين والحضور على التفاعل المثري للقضايا المطروحة.

من خلال الاستمرار في التصفح أو النقر على قبول جميع ملفات جمع البيانات "كوكيز"، فإنك توافق على تخزين ملفات جمع البيانات للطرف الأول والغير على جهازك لتسهيل تصفحك للموقع وتحليل استخدام الموقع والمساعدة في جهودنا التسويقية.